الحب مشاعر معتمده علي الراحه والسعاده والفهم والتقدير والحنيه والمشاركه .وبما ان الحب يعتمد في أساسه علي الفهم لذلك لاينجح مع الأشخاص الغير متوافقين في الفهم والشخصيه والأفكار بمعني أخر
كيف تستطيع أن تحب شخص لا يفهمك ويخالفك دائما الرأي ومتناقض معك في الشخصيه كيف سيحتويك ويسعدك بدون الجدال المؤذي والتعصب المخالف لمشاعرك ؟
لذلك شعور الانسان بالحب يتكون تجاه الشخص الذي يراك جيدا ويسمعك ويفهمك ويتقبل تفكيرك وقيمتك .
ولكن هذا الحال غير مضمون مع جميع أفراد الأسره الذي ينشأ بها الانسان فالكثير من الناس تولد في أسر غير سعيده غير محبه وغير سويه. الكثير يولدوا في أسره منفصله عاطفيا اوأسره جاهله . هؤلاء قد يعانون من وجود أحد أفراد الأسره غير مسؤل سواء كان أب او أم فينشأ حاله من التحيز إلي الطرف الأخر في الأسره الجيد وتتوجه المشاعرللطرف المتواجد المسؤل المعطاء للطفل وتولد مشاعر كره للطرف الغير مسؤل الغير مهتم الغير متواجد
الحقيقه ان انفصال الأبوين ليس هو السبب الوحيد لمشاعر الكره وعدم الحب للأهل فيوجد الكثير من الأهالي المنفصله إلا ان الأولاد يحبون كلا الأبوين وهذا بالطبع في حاله رقي الانفصال بين الأب والأم وتحمل كلا الطرفين مسؤليه الأولاد جيدا
وعلي النقيض الكثير من الأسر غير المنفصلين والاب والأم مستمرين في علاقتهم جيدا لكن الأولاد لا يشعرون بالتفاهم والحب الكافي ودائمي الخلاف معهم وهذا بسبب الفجوه النفسيه والعقليه بين الأباء والابناء واختلاف الأفكار والمشاعر والأسلوب بينهم والتعامل الخاطئ من الأبوين في تقربهم للأبناء وتوجيهم .
الحقيقه ان بعض الناس قد يكون جزء من إبتلائهم في الحياه هو الأهل .فيولدوا في بيئه أسره غير سويه وثقافه أهل غير ناضجه تقوم بأذيه الأولاد وإبعادهم .
وثقافه الأهل الناضجه لا تعتمد إطلاقا علي مستواهم التعليمي او المادي وانما يعتمد علي ذكائهم النفسي والإجتماعي والعاطفي والتربوي .
حيث ان الكثير من الأباء الفقراء ماديا وغير المتعلمين غير الحاصلين علي الشهادات العليا الا انهم يتواصلون جيدا مع ابنائهم ويفهموهم ويعاملونهم بوعي وحنيه واحتواء تجعلهم ينشأؤن مكتملين نفسيا وعاطفيا مشبعين من الفهم والتقدير والاحتواء .
والكثير من الاباء المتعلمين جيدا واخرون اغنياء ماديا إلا انهم يعانون من عدم التفاهم وفتور المشاعر والحب مع اولادهم
الموضوع حتما يعتمد علي الفهم والتواصل ولكن للاسف ليس دائما بمقدورنا تغير من حولنا وتغير تفكيرهم وشخصيتهم ومعتقداتهم واسلوبهم .ان هذا الامر في غايه الصعوبه او يكاد يكون من المستحيل.
وفي هذه الحاله لن ينشأ حاله من الحب والسعاده بين الاشخاص الغير متفاهمين بسبب استمرار الشكوي والتضارب الفكري والصراع الدائم الذي يملئ المشاعر حزن وضغط ونفور وكره .
لذلك فالحب والمشاعر ليست محكومه ولا نضمنها وانما هي نوع من أنواع الرزق والقدر يرزق به بعض الناس ويحرم منه أخرون.
فمشاعر الحب والسعاده والاحتواء إذا لم يتواجدوا بين الأباء والابناء فإن هذا ليس الأمر الوحيد الذي يوجد ليجمعهم ويربطهم معا
وذلك لان علاقه الانسان بأهله ليست علاقه مؤقته أو أختياريه او قابله التغير لأن أهلنا سيظلوا أهلنا مهما فعلنا سيظلوا ملتصقين بنا مدي الحياه .
والرابط بيننا وبين أهلنا ليس فقط الدم والاسم والجينات والملامح بل أيضا المعيشه ومشاركه اللقمه والأكل في طبق واحد والعيش تحت سقف واحد .
لهذا فإن لم يتواجد الحب والمشاعر المعتمده في الأساس علي التفاهم والتوافق فسيظل يوجد روابط اخري تربطنا بهم غير المشاعر والحب والراحه .
من هذه الروابط التي تجمع الانسان بأهله مشاعر الإنتماء والإستناد
حيث ان المحافظه علي المشاركه والتواجد في الأسره الواحده في حد ذاته يقوم بعمل ترابط بين افراد الأسره وإنتماؤهم لها وانهم جزء من اسره واحده يتشاركون المشكلات والاحتياجات دائما .
فعندما يبتعد احد افراد الاسره سيشعر بالانتماء والرغبه في المشاركه بالاحداث والاخبار الخاصه بباقي افراد الاسره من اب وام واخوه واقارب حتي لو من بعيد لان الانتماء يجعل الشخص يشعر بان مشكلات باقي الافراد تخصه وهو جزء منها مهم في حلها.
كذلك الاستناد والاعتماد جزء مهم جدا حيث ان المسؤليه وتحملها لها دور في بناء العلاقه بين افراد الاسره
فعندما يوجد اب وام يقومون بتحمل مسؤليه اولادهم ودعمهم فهذا يضمن استناد الاولاد عليهم واعتمادهم علي وجودهم وهذا بدوره يجعل الابوين مصدر السند الذي يتكئ عليه الابناء في الحياه .
فعندما يحتاج الابن لسد عجزه في شيء لن يقف امام باب الجامع ليشحت مادام ابويه يعيشان ويقدران علي مساعدته فبالطبع سيذهب فورا اليهم يطلب المساعده .
وبالطبع ان فقد ابويه يوما فعندما يريد ان يحل مشاكله ويسد عجزه لن يجدهم فسيشعر بانه فقد السند والظهر .
ونفس الحال مع الاخوه فليس بالضروره وجود مشاعر حب وتفاهم بين الاخوه فقد يكونون غير متفاهمين ولكن يقدرون دور الاستناد والدعم فيما بينهم .
بحيث ان عندما يمر احدهما بظروف قاسيه يجد اخوته بجانبه ليدعموه ويسندونه ليتخطي محنته .
هذا هو دور الانتماء للاسره الذي يجعل الاخوه متساندين حتي ولو لم تتوفر مشاعر حب قويه بينهم وكثرت سلبياتهم الغير سويه .
وعلي النقيض عندما يولد الانسان ويكبر دون اهل او اقارب مثل الايتام واللقطاء هم اول من يعانون من فقد السند لذلك معرضون لمشاعر فقد الانتماء وعدم التعلق بشيء لانهم لا يملكون من يتعلقون به ويستندوا عليه من الاساس .
الخلاصه ان الانتماء لا يعتمد في تكوينه علي مشاعر الحب فقط وانما هو مشاعر الامتنان لفضل السند والدعم وتحمل المسؤليات وحل المشكلات .
بقلم / نوران بهاء الدين صابر